عاصرتُ 19 موسماً انتخابياً رئاسياً في حياتي. وفي كل واحدة من هذه الانتخابات، كان المرشحون الخاسرون يقبلون نتائجها باعتبارها قانونية، باستثناء مرشح واحد هو: دونالد ترامب.

المرشحون الخاسرون منقسمون بالتساوي تقريباً بين الحزبين الرئيسيين: توماس إديوي (جمهوري) في 1948؛ أدلاي ستيفنسون (ديمقراطي) في 1952 و1956؛ ريتشارد نيكسون (جمهوري) في 1960؛ باري غولدووتر (جمهوري) في 1964؛ هيوبرت همفري (ديمقراطي) في 1968؛ جورج ماكغفرن (ديمقراطي) في 1972؛ جيرالد فورد (جمهوري) في 1976؛ جيمي كارتر (ديمقراطي) في 1980؛ والتر مونديل (ديمقراطي) في 1984؛ مايكل دوكاكيس (ديمقراطي) في 1988؛ جورج بوش الأب (جمهوري) في 1992؛ بوب دول (جمهوري) في 1996؛ آل غور (ديمقراطي) في 2000؛ جون كيري (ديمقراطي) في 2004؛ جون ماكين (جمهوري) في 2008؛ ميت رومني (جمهوري) في 2012؛ هيلاري كلينتون (ديمقراطية) في 2016؛ دونالد ترامب (جمهوري) في 2020.

نيكسون خسر في انتخابات 1960 أمام جون كينيدي بفارق ضئيل جداً. حينها، انتشرت قصص عن سرقة أصوات في بعض الولايات؛ ولكن نيكسون قبل النتائج. تماماً مثلما حدث في عام 2000، عندما قبل آل غور قرار المحكمة العليا الأميركية بإلغاء حكم المحكمة العليا في فلوريدا ووقف إعادة فرز الأصوات في الولاية، وبالتالي منح أصوات فلوريدا الانتخابية الـ25، والرئاسة لجورج دبليو بوش.
في 2020، طعن ترامب رسمياً في النتائج، وهو لديه كامل الحق في ذلك، بدعوى حدوث تزوير كبير في الانتخابات. ولكن ترامب تجاوز القانون: ذلك أنه عمل على مدى أكثر من شهرين بعد يوم الانتخابات على نشر كذبة مفادها أنه الفائز في الانتخابات في حين أنه كان من الواضح لأي شخص عادل ونزيه أن ادعاءاته كاذبة. وهو ما زال يكرر هذه الأكذوبة إلى اليوم.
المستشار الخاص جاك سميث اتهم ترامب بالتآمر للاحتفاظ بالسلطة وقلب نتائج انتخابات 2020 الشرعية عبر شن هجوم على الكونجرس في 6 يناير 2021 من شأنه عرقلة «عملية جمع نتائج الانتخابات الرئاسية وفرزها وتصديقها». 
والواقع أنه من الصعب التنبؤ بمتى أو ما إن كان سميث سيقوم بتقديم حججه وعرض قضيته أمام القضاء، غير أننا نملك إجابة عن سؤال ما إن كان ترامب قد حقق أي نجاح في إقناع الناخبين الأميركيين بفوزه. ذلك أن أكثر من ثلث البالغين في الولايات المتحدة قالوا في ديسمبر الماضي إنهم يعتقدون أن جو بايدن لم يُنتخب رئيساً للبلاد بطريقة شرعية، وهو ما يمثّل نصراً جزئياً لترامب في الواقع.
وبالتالي، فإن حملة ترامب للكذب المكثف نجحت في إضعاف ثقة الرأي العام في انتخابات لم يكن فيها أي دليل على حدوث تزوير كبير.
اليوم، شرع ترامب في محاولة محمومة لاستعادة البيت الأبيض، وهو منصب يحتاجه بشدة لإسقاط التهم الجنائية الفيدرالية الموجهة إليه، سواء في قضية التآمر الانتخابي أو في محاكمة ثانية تتعلق بطريقة تعامله مع معلومات سرية. ولكنه عاد إلى الحملة الانتخابية مدعوماً بقرابة 70 في المئة من الجمهوريين المقتنعين بأنه ما كان ينبغي لبايدن أن يدخل البيت الأبيض أصلاً.
ولكن هل تنتهي القصة عند هذا الحد؟
الواقع أن ترامب يعد العدة ويمهّد الطريق حالياً لتكرار سيناريو ما بعد انتخابات 2020 الكارثي. فقد تمكن من إقناع جزء من البلاد بأنه لا يمكن إعادة انتخاب بايدن دون غش. وتبعاً لذلك، كما يرى ترامب وأنصاره، فإن الانتخابات ستكون غير عادلة ونتيجتها، إعادة انتخاب بايدن، غير شرعية إذا لم يفز في نوفمبر المقبل.
ثم ماذا بعد ذلك؟ في 6 يناير 2021، اقتحم الآلاف مبنى الكونجرس الأميركي، لأن ترامب أقنعهم بأن الانتخابات سُرقت. فحطّموا الأبواب والنوافذ، وعطّلوا مجلسي النواب والشيوخ من أجل «إيقاف السرقة»، وحالوا دون ممارسة الكونجرس لمسؤوليته الدستورية في التصديق على الأصوات الانتخابية. ولكنهم فشلوا، والفضل في ذلك يعود إلى شرطة العاصمة وضباط الكابيتول الذين عرّضوا حيواتهم للخطر.
ولكن ماذا عن المرة القادمة؟ 
المسألة واضحة ولا مجال فيها للتكهنات. فادعاءات ترامب بأنه خسر بسبب التزوير هي التي دفعت أتباعه إلى الاعتداء على مقر الديمقراطية الأميركية.
وإذا فعل ذلك مرة أخرى، فهل سيفعلونها مرة أخرى؟ لا غرو في أن ثلثي الأميركيين يخشون من أن العنف قد يتبع انتخابات هذا العام في حال خسر ترامب أمام بايدن مرة أخرى.
غير أن هذا ليس سبباً للشعور بالإحباط والخوف، بل إن التهديدات بالعنف سببٌ إضافي للنهوض والتوجه إلى صناديق الاقتراع وأداء ذاك الواجب الأساسي من الديمقراطية: التصويت، كما حدث في الانتخابات الرئاسية الـ19 التي عاصرتُها. ولا شك في أنه إذا حدث ذلك، وأظهر ملايين الناخبين إيمانهم بصناديق الاقتراع وصوّتوا لمرشحين يتمسكون بالقيم الأساسية للحرية والمساواة والديمقراطية، فهناك احتمال كبير لأن يمنى دونالد ترامب بالهزيمة. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سيندكيشن»